رحلة شغف من المختبر إلى عالم المخبوزات بقلب ريادي
انطلقت هزار، الفلسطينية الأرمنية، من بين جدران المختبرات الطبية حيث تخرّجت بتميّز من الجامعة الأردنية في العام 2008 متخصصةً في التحاليل الطبية، لتبدأ مسيرةً استثنائيةً تَحكي قصة نجاح امرأة حوّلت شغفها إلى إرثٍ ريادي. فبعد تفوّقها في كيمياء التحاليل الدقيقة، عملت في المجال الطبي لفترة، لكن نداء القلب دفعها إلى عالمٍ آخر، عالمِ الروائح الذكية والوصفات الشهية، فقررت أن تُطلق العنان لشغفها الأصيل: الطعام.
لم تكن رحلتها مجرد تحوّل مهني، بل ثورةٌ على التقاليد. ففي العام 2012، أطلقت مشاركاتها الأولى على مواقع التواصل الالكتروني وموقع إلكتروني خاص بها يحمل اسمها لتوثّق وصفاتها الإبداعية، مصحوباً بتطبيقٍ مجاني حمل اسمها ايضاً، ليكون نافذةً لكل عشاق الطهي. ولم تكتفِ بذلك، بل غزت الشاشات والإذاعات، من البرامج التلفزيونية الفلسطينية إلى أثير “مونت كارلو الدولية”، حاملةً معها فلسفةً جديدةً في الطهي تجمع بين الأصالة والابتكار.
بين العامين 2015 و 2018، تحوّل المنزل إلى ورشة عملٍ لها، حيث أتقنت فنون المخبوزات وبيع كيك المناسبات، لكن شغفها بتفاصيل العجين والخميرة دفعها إلى تحدٍّ أكبر: تطوير تقنيات مخبوزات بنتائج عالمية رغم محدودية الموارد. فانغمست ليل نهار في قراءة الكتب المتخصصة، واختبرت الوصفات بتجارب شخصية، حتى صارت رائدَةً في ابتكار أساليب منزلية تُنتج مخبوزاتٍ مميزة تنافس كبرى المخابز العالمية!
ولأن الأحلام الكبيرة لا تعرف الحدود، وبعد رحلة من الدراسة والتعمق أطلقت في 2020 أول كورس تعليمي اونلاين من فلسطين للعالم العربي: “المخبوزات الإيطالية الاحترافية”، ليصبح ظاهرةً على وسائل التواصل كأول كورس عربي يشرح المخبوزات الايطالية باحتراف. لم يكن ذلك مجرد كورس، بل ثورةٌ حيث استطاعت تحويل المطبخ المنزلي بمعداته المتواضعة إلى ورشة احترافية لكل مشترك، وهذا الاسلوب المبتكر اجتذب آلاف العرب الراغبين بالتعلم وتحويل الهواة الى محترفين، مُثبتاً أن الإبداع الفلسطيني قادرٌ على قيادة سوق التعليم الرقمي.
النجاح لم يوقفها، بل أشعل فيها طموحاً أكبر فأطلقت المشروع : أكاديمية هزار للمخبوزات. والتى من خلالها، صمّمت الشيف هزار وبتفانٍ ريادي أن تصنع كورساتٍ جديدة ومتخصصةً بشكل سنوي في مختلف أنواع المخبوزات الغربية والفلسطينية حيث تقوم الأكاديمية حالياً ولغاية الآن بتدريس ٨ كورسات مختلفة في معظم أنواع المخبوزات بحرفية عالية، ومن كل كورس أكثر من مستوى لتغطي كل الشرائح، من ربات البيوت والمبتدئين في الخبز إلى المتمرسين والخبازين وأصحاب المشاريع، مع التركيز على تقنيات الخمائر الطبيعية والمعادلات الدقيقة.
حيث طوّرت أيضاً مساقات تعليميةً مبتكرة تدمج المخبوزات الغربية بالأصالة الفلسطينية، لتخلق مزيجاً فريداً يُلهِم جيلاً جديداً من محترفين الخبز.
والحمدلله اليوم، وبفضل إصرارها، أصبحت الأكاديمية منصةً عالميةً رقمية ينتسب إليها آلاف الطلاب من كل حدبٍ وصوب، يُحققون نتائجَ مبهرة رغم اختلاف مواردهم. الشيف هزار، التي بدأت بتجاربَ في مطبخها الصغير، صارت أيقونةً في صناعة المحتوى التعليمي العربي، تدفع بعجلة التطوير دون توقف، تبتكر وصفاتٍ جديدةً، وتحيي التقليدي منها بلمسات عصرية.
الرحلةٌ لم تكتمل بعد، فشغف الشيف هزار كالنار المتّقدة: تدرس، تبتكر، وتُعلّم، مُثبتةً أن الإرادة تصنع المعجزات، وأن الريادة لا تعرف المستحيل.
جميع الحقوق محفوظة . أكاديمية هزار لفنون الخبز 2025- 2020 ©